|
06-07-2017 |
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده جل وعلا ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".
"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا".
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما".
أما بعد، عباد الله .. اعلموا أن أصدق الحديث كلام الله جل في علاه، وخير الهدي هو هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
أيها المسلمون .. لقد أمرنا الله جل وعلا في كتابه العزيز بالصدق فقال سبحانه وتعالى في سورة التوبة "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، وقال جل وعلا "ومن أصدق من الله قيلا" ، "ومن أصدق من الله حديثا".
الصدق أيها المؤمنون .. هو قول الحق ومطابقة الكلام للواقع، وقد امتدح الله تبارك وتعالى كثيرا من أنبيائه بالصدق فقال عن إبراهيم عليه السلام "واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا"، وقال جل وعلا عن إسماعيل عليه السلام "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا "، وقال جل وعلا عن يوسف عليه السلام "يوسف أيها الصديق"، وقال جل وعلا عن إدريس عليه السلام "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا".
وكانت صفة الصدق ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه كان يلقب بين قومه بالصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسلم.
أيها المسلمون .. وللصدق أنواع ثلاثة، أولها: الصدق مع الله جل في علاه، وذلك بإخلاص الأعمال له تبارك وتعالى "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
الأعمال الصالحة لابد أن تكون خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى فالأعمال عند قبولها لابد لها من شرطين، الأول: الصدق والإخلاص، الثاني: متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وموافقة الشرع، بهذين الشرطين يتم قبول الأعمال عند الله سبحانه وتعالى
ثانيا: من أنواع الصدق أيها المسلمون .. الصدق مع النفس: فالإنسان المؤمن وخصوصا في هذه الأيام المباركات، وفي ختام هذا الشهر المبارك لابد أن يكون صادقا مع نفسه واضحا معها يعترف دائما بذنوبه وأخطائه وعيوبه، وقد أرشدنا النبي صلى في حديث يدلنا هل نحن صادقون مع أنفسنا أم لا؟
قال عليه الصلاة والسلام "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة".
ثالثا: من أنواع الصدق، الصدق مع الناس، فالإنسان المسلم لابد أن يكون صادقا مع الناس لابد أن يصدق معهم كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثًا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب" فإن من أعظم الخيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت له به كاذب.
أما عن جزاء الصادقين، فقد أخبر عنه الله جل وعلا في آخر سورة المائدة، قال الله سبحانه وتعالى "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم"، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه "إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا" والعياذ بالله
أيها المسلمون .. الصدق آية وعلامة من علامات الإيمان كما أن الكذب آية وعلامة من علامات النفاق، قال صلى الله عليه وسلم "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان".
فأول صفة من صفات المنافقين أنه إذا حدث كذب فنعوذ بالله من الكذب ونعوذ بالله من صفات وعلامات النفاق.
سئل رسول الله صلى أيكون المؤمن جبانا؟، أيمكن أن يكون إنسان مؤمن يحمل حقيقة الإيمان وهو في نفس الوقت جبان؟ قال نعم، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ قال: لا".
قال لا، لأنه إذا كان كذابا أي كثير الكذب يخرج من دائرة الإيمان والعياذ بالله ويدخل في دائرة النفاق.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات الذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم إن ربي غفور رحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين.
أيها المسلمون .. قال عليه الصلاة والسلام: "أنا زعيم ببيت في ربض - زعيم أي أضمن، بيت في ربض الجنة أي في أطراف الجنة - لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه."
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الصادقين وأن يجملنا بالأخلاق الحسنة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها المسلمون .. إننا نعيش في آخر أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال، وقبل أن ينقضي هذا الشهر نُذكّر ببعض الأمور، نُذكّر أيها المسلمون بالتوبة، توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، لا ندري هل ندرك رمضان القادم أم لا؟ .
فلنبادر أيها المسلمون بالتوبة، البدار البدار قبل أن ينقضي هذا الشهر الكريم بتوبة صادقة صالحة مع الله، وذلك بالإخلاص للأعمال كلها لله، والاعتراف بالذنوب والمعاصي نعترف بها ونتوب إلى الله تبارك وتعالى ونعاهد الله تبارك وتعالى على طاعته وعلى ترك الذنوب والمعاصي
ثانيا: من الأمور التي ننبه لها قبل انقضاء هذا الشهر الكريم، هو إخراج زكاة الفطر فهي واجبة على كل مسلم ومسلمة ذكر أو أنثى صغير أو كبير وأفضل وقت لإخراجها كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبل صلاة العيد ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، فبادروا بإخراج زكاة الفطر أنتم ومن تعولون لعل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
عباد الله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"
اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا وإمامنا وقدوتنا محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنّك وكرمك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.