|
18-01-2018 |
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أنزل الكتاب وشرّع الشريعة وأرسل الرسول لإصلاح الأرض والعباد، ولتعمر الأرض ببركته ورحمته. أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبدالله ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد، فيا أمة الإسلام .. اتقوا الله تعالى ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا واعتصموا بكتاب ربكم وسنة نبيكم، فإنه لا حياة ولا نجاة إلا لمن آمن وعمل صالحاً، خاصة في أزمان الفتن والتغيرات والتحولات.
عباد الله .. ضعف الديانة وسيئ الأخلاق والشرور والفساد للأمم والأفراد وكريم العاقبة للدول والشعوب تكون في ظلال قيمها ومبادئها وتحت وارف دينها ومعتقدها.
والأمم والجماعات والبلدان والشعوب فخرها بعد صلاح دينها سمو أخلاقها وتسامي مبادئها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" رواه أحمد.
وإذا كانت الأديان روح الأمم فإن فإن المبادئ والقيم أجسادها، فلا جسد بلا روح ولا روح بلا جسد، وإذا كانت الأديان غيث السماء فإن المبادئ والقيم نبت الفطر، فإذا التقى فيض السماء بكريم الفطر كملت الخلال وحصلت الخيرية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" رواه البخاري.
فالقيم والمبادئ في الإسلام نبتة تحتضنها الفطرة وترويها الديانة، فإذا فسدت الفطرة وغاض نبع الدين لدى الناس ذبلت تلك النبتة واستحال زهرها شوكاً وغصنها حطباً.
أيها المسلمون .. المبادئ معتقدات وقواعد ومناهج أخلاقية التزامية عند الفرد والأمة والجماعة، ينطلقون منها وبها يحكمون وبناء عليها يتصرفون ويتصورون وعنها يصدرون وتسمع في دنيا الناس كثيراً فلان عنده مبدأ كذا وكذا، والبلد الفلاني يمشي أو يسير على مبدأ كذا وكذا، والأمة الفلانية مبدؤها كذا وكذا.
وهذه المبادئ أشكال وأنواع وأصناف منها ما يستحق أن تسميه مبدأ، ومنها من تسمى مبدأ زوراً وبهتاناً، إذ أنها تهدي إلى الفجور والسفور والثبور كمبادئ الكذب والمخادعة والنفاق والشذوذ والاعوجاج والخبث.
وهناك فرق وبون كبير بين مبادئ الحنيفية السمحة ملة المسلمين وبين مبادئ العصاة والمجرمين.
وليس اعجازاً ولا مقاماً أن يكون للمرء مبدءٌ فليس كل مبدأ محموداً ولا رفيعاً ولا دالاً على عقلانية صاحبه، ففرعون صاحب مبدأ ولكنه مبدأ الكفر والإلحاد ومحاربة الاستقامة والإصلاح، وفي نفس الوقت مبدأ أعمى فقد دعاه مبدؤه وصور له أن موسى بن عمران رسول الله وكليمه عليه الصلاة والسلام صوره له بأنه مفسد وسيبدل الدين ويظهر في الأرض الفساد "وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد...".
هذه هي عُمِّيّة المبادئ المنحرفة ترى المستقيم معوجاً، والنور ظلاماً حتى الرسل تراهم مفسدين عياذاً بالله.
أيها المسلمون .. إن أكرم المبادئ وأشرفها وأعلاها هي التي تبنى على أساس من وحي الله المنزل من رب البرية على منهاج خير البشرية صلى الله عليه وسلم.
هي التي تأسست على دين الله وانطلقت منه واعتمدت عليه في تبيين الحق والباطل والحكم على صحة الأفكار والمعلومات والتفريق بين المنافع والضار وكان ثقافة محروسة بالشرع الحنيف، وهذا المبدأ المبارك الذي يصدر عن الوحي هو الذي ينير الله تعالى لصاحبه السبل، وييسر له العسير وينفعه به منفعة تتعدى الحياة الدنيا ليجد بركاتها في الأخرة ويمنحه الفكر والثقافة المستنيرة النافعة.
إن مبادئ الإسلام ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ولا تخضع لمصالح عاجلة أو آجلة ولا يتنازل عنها لأي ظرف من الظروف، بل الظروف كلها تطوع لها، وتعدل لمسايرتها ومرافقتها.
إن مبادئ الإسلام عبادات وطاعات وواجبات وفرائض قائمات وحدود لا يجوز الاقتراب منها، " تلك حدود الله فلا تقربوها"، مبادئ تدعو إلى كل فضيلة حسية ومعنوية وأخلاقية، تهدي لكل خير وتمنع من كل شر، مهذبة ومؤدبة، آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، مقبلة على كل صلاح واستقامة زاجرة عن كل فاحشة، مانعة من كل مفسدة، "وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً" كيف لا وهو مبدأ رباني جليل ومنهج نبوي كريم.
إن المبادئ التي تستمد صحتها من ذاتها الرباني النبوي فتوازنها وتكاملها وتناسقها وانسجامها مع الفطرة وعدم اعتراضها أو تصادمها مع الشريعة يمنحها القيمة والاعتبار، فهي مبدأ بهذا الأساس.
وأما المبادئ الزائفة ليس لها قيمة لأنها استمدت قيمتها من عقول بشرية زائفة جاحدة كافرة أو فاسقة فاسدة ملوثة بالأهواء، شيدت على شفا جرف هار توشك أن تنهار وتنهدم "أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين".
أيها المسلمون .. إن مبادئ الهوى والضلال هي التي تبنى عشوائياً لا تلتفت إلى إسلام ولا إلى عقيدة صحيحة ولا إلى معروف أو منكر ولا إلى نافع أو ضار، إنما تلهث وراء المصلحة والمنفعة ولو على حساب دين وملة واستقامة، فلذلك هي مبادئ الضياع والردى والغوغائية، لا تدل صاحبها إلا على الشر والمنكر والاعوجاج والشهوات.
وتجد صاحبها أعمى وهو مبصر وميت وهو حي يسعى، وتحسبه منتبهاً وهو غافل "لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها"، عطلها التعلق بمبادئ العمى والضياع "وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"، دعتهم مبادئهم إلى الكفر بالله والفسق والتدمير والقتل ونشر الرعب والإفساد في الأرض فراعنة كفرعون ونمارد كنمرود وهامان وقارون.
إن فرعون دعاه مبدؤه إلى أن يستكبر على الله خالقه فقال: "ما علمت لكم من إله غيري"، وقال: "أنا ربكم الأعلى"، كما دعاه مبدؤه وعقيدته إلى الاستعلاء "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين"، وغيرهم كثير قديماً وحديثاً تحدث عنهم القرآن وذكرتهم السنة ودونتهم كتب التاريخ وكلهم جنت عليهم مبادؤهم حتى جاءهم أمر الله "فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب"، وعند الموت والغرق والحشرجة تخلوا عن مبادئهم التي تبنوها ولازموها وأنفقوا عليها حلهم وحلالهم والنفس والنفيس ونادوا ربه عز وجل، "حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين"، "فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون"، ولما اعتمد قوم فرعون مبدأه دون تحقيق أو تبين وأطاعوه أوردهم موارد الهلاك فقال الله عنه وعنهم "يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود"، وقال الله عنهم "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين فلما آسفونا –أي أغضبونا- انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين".
وذكر الله تعالى الكثير من الأقوام الذين انتهجوا مناهج الضلال ومبادئ الفساد ومعارضة الدين والرسل ، وذكر عاقبة أمرهم وما آل إليهم حالهم فقال سبحانه "فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون"، وقال سبحانه: "فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين"، ووجه عباده الأحياء للعبرة والعظة منهم لئلا يعتنقوا هذه المبادئ الهدامة فيلقوا نفس المصير، فقال الله تعالى "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين"، وذم من عمى عن مصير الظالمين المجرمين فإذا هو يخطو خطواتهم وينحو منحاهم ويسلك مسلكهم وينتهج نهجهم وينظروا مصارعهم وعواقب تصرفهم فقال سبحانه "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
أيها المسلمون ..في دنيا الناس أقوام عبيد لمبادئهم المنحرفة عقدياً وفكرياً وأخلاقياً، مبادئ خاوية مضللة يستظلون بلهيبها ورمضائها ولهيب حرها، تأخذهم ذات اليمين وذات الشمال وتجلدهم روحياً ونفسياً ومادياً وتأخذ من أعمارهم وأوقاتهم، حالت بينهم وبين عبادة ربهم ودعائه وسؤاله، يصبحون ويمسون عبيداً لهذه المبادئ ينفقون عليها، ويبذلون لها أنفسهم لنشرها وبثها وهي ضلالات وظلمات بعضها فوق بعض "ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون"، عجباً لمؤمن بالله واليوم الأخر يتابع هذه المبادئ ويعتنق عقيدتها وهي كفرية بدعية ظلامية "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون"، إنه ليس غريباً أن يكون الكافر على مبادئ كفرية وضلالية لأنه في حقيقته أعمى لا يبصر الحق قد أغفل الله قلبه بكفره وأعمى الكفر بصيرته فانتكس فلا يرى حقاً ولا يعرف باطلاً، لكن الغرابة فيمن وقف على الحق وعرفه، وتذوق الإيمان ومارسه ثم أعرض عنه وتركه "كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين".
أيها المسلمون .. المبادئ عقائد ودين ومنهج متبع، لا ينبغي للمؤمن الموحد أن يرخي حبلها أو يهمل أمرها، وقد أنعم الله تعالى عليه بأكرم منهج وأشرف وأرفع مبدأ، فهداه وطهره ونقاه ووجهه، ثم يلتفت إلى مبادئ الضلال والغواية يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
إن المبادئ يا عباد الله .. تبنى أولاً على أساس من شرع الله الحنيف ليقف على ما يرضي ربه جل وعلا مما يسخطه ويغضبه، ثم تبنى على المستقيم من الأمور والمعتدل من الشؤون والأحوال في أعراف المؤمنين والعقلاء والعارفين، وتبنى على ما ينفع في الدين والدنيا والآخرة "يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون"، كما تبنى المبادئ على ما يشرف أصحابها ويعلي شأنهم وتبنى على مخالفة الشهوات والنفوس الأمارة بالسوء والمحرمات والنقائص.
وتنهدم المبادئ إذا تعارضت مع دين الله القويم، فما الفائدة من مبدأ يلقي بصاحبه في سخط الله وغضبه "ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد"، وتنهدم المبادئ إذا كانت رخيصة لا قيمة لها شهوات وأهواء وضلالات.
أيها المسلمون .. اتقوا الله تعالى ولا تضيعوا أعماركم في متابعة المبادئ الضالة، اتقوا الله تعالى فإنكم ملاقوه وسائلكم عما كنتم تعملون "فوربك لتسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون"، والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون، فأعدوا تمسكاً بالإسلام وتوحيداً خالصاً لله رب العالمين ومتابعة لرسولكم وبراءة من كل ما يخالف الدين الحنيف، "يأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وفي هدي رسوله الأمين، وتاب علي وعليكم وعلى المسلمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه ثم توبوا إليه، إن ربي رحيم ودود.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسار على دربه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون .. اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم عليكم من الإسلام والإيمان ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذه هي والله هي الغنيمة العظمى في الحياة الدنيا أن يكون الإنسان على دين الله تعالى وأن يكون بريئا من أي مبدأ يخالف هدي الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
واحذروا عباد الله المبادئ الضالة، تسمعوا من بعيد عن أمة يقال لها عندها مبدا كذا وكذا، وتسمعوا فلان أنه عنده مبدأ كذا وكذا، وإذا فتشت في هذه المبادئ وجدتها تخالف شرع الله، "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون"، يضيعون حياتهم الدنيا ويضيعون أعمارهم في بُعد عن الله وعن دينه.
ولابد من لقاء الله، ولابد من الموت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم يصف جبريل عليه السلام أول ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام يقول: رأيت مخلوقا يجلس على كرسي بين السماء والارض يسد الأفق، عندما ناداه يقول سمعت صوتا فالتفت يمينا وشمالا فلم أرى شيئا، فقال: ارفع رأسك، فرقعت رأسي فإذا مخلوق يجلس على كرسي ما بين السماء والأرض يسد الأفق، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما خاطبه جبريل، قال: اقرأ .. قال ما أنا بقارئ، قال: اقرأ .. قال ما أنا بقارئ، فضمه ضمة كاد أن يموت فيها صلى الله عليه وسلم، ثم اطلقه، قال: اقرأ .. قال ما أنا بقارئ، قال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق"، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهله يقول زملوني زملوني دثروني دثروني، خائف مما رأى.
ويصف النبي صلى الله عليه وسلم ملكا من حملة العرش، يقول صلى الله عليه وسلم: أُذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش - أي أن الله تعالى أذن له أن يحدث عنه- يقول صلى الله عليه وسلم: يخفق الطير ما بين عاتقه إلى شحمة أذنيه، سبعمائة سنة يطير الطير بين شحمة إذن الملك حتى يصل إلى كتفه، وفي رواية يقول رجله -رجل أحد حملة العرش- في السماء السابعة ويحمل فوق رأسه عرش الرحمن،.
هذه المخلوقات العظيمة، انظروا كيف خشيتهم من الله تعالى، يقول عليه الصلاة والسلام عن جبريل ليلة أسري به، رأيت جبريل كالحلس البالي من خشيته من الله تعالى أو كما قال - الحلس البالي هو الفراش الذي يوضع تحت الفرش حتى يحفظ الفرش من الأرض ويكون باليا قديما، فقط ليحول بين الفرش الاصلي وبين أن تصل إليه الأرض فيوضع هذا الفرش ويسمى الحلس.
فيا عباد الله .. الله تعالى يرسل الله ويشرع الشريعة، ثم يأتي مسلم من بعيد ويعرض عن هذا ويتبنى مبادئ الكفر والضلال ويشرق ويغرب ويقلد الكفار والفساق والمجرمين والعصاة، ثم يموت ويلقى ربه عز وجل.
هذا فرعون قد شرّق وغرّب في الدنيا، واستكبر حتى على الله قال: "ما علمت لكم من إله غيري"، وقال: "أنا ربكم الأعلى"، حتى إذا أدركه الغرق وجاء أمر الله، لم يجد إلا لله تعالى، لم يجد إلا ربه جل وعلا، تخلت عنه المبادئ التي كان يعتقدها وذهب عنه الكبر الذي كان يتلبسه، وتخلى عنه قومه، وتخلى عنه جنوده، ولم يجد إلا ربه جل وعلا، قال الله تعالى عنه: "حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت – لِمَ لَم تؤمن من قبل- قال آمنت أنه لا الذي آمنت به بنو إسرائيل -فجاءه الرد- الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك –فقط ببدنك- لتكون لمن خلفك آية -حتى يراك الظلمة من بعدك ويخافون ويرجعون ولا يقلدوك، هذا هو المصير لتكون لمن خلفك آية- وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون".
فيا عباد الله .. الله الله في التمسك بدين الله، في شكر الله على هذه النعمة العظيمة، الذي أعطاه الله تعالى الدين وتذوق دين الله تعالى، لا يلتفت إلى مبدأ لا إلى شرقي ولا إلى غربي، قد أغناه الله سبحانه.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه كما أمركم ربكم جل وعلا في محكم التنزيل بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".